Wednesday, February 28, 2007

قوة الحماس - روعة داخلية تفجر طاقات غير محدودة

من منا لا يشعر بالحماس .. انه مكون أساسي للنفس البشرية، لكن هل سألت نفسك ولو مرة واحدة ما هي حقيقة الحماس وكيف يتكون وما هي دورته وجذوره ، وما هو السر وراء انخفاض نسبة الحماس ، وكيف يستطيع الشخص الحفاظ على درجة عالية من الحماس مهما كانت درجة المؤثرات الداخلية أو الخارجية ، وكيف تستخدم قوة الحماس في تحقيق أهدافك ?

محيط ـ شريف علام:
editor@moheet.com

د. إبراهيم الفقي

هذه الأسئلة وغيرها يشرحها خبير التنمية البشرية والمحاضر العالمي الدكتور إبراهيم الفقي ، في أمسية عقدت حديثاً بمركز القاهرة للدولي للمؤتمرات ، تحت عنوان "قوة الحماس" ، بحضور أكثر من ألف شخص ، معظمهم من الشباب المثقف والملتزم ، وذلك في إطار مهرجان تدريبي نظمه المركز الكندي للتنمية البشرية .

في البداية طرح د. الفقي هذا التساؤل : لماذا يتحمس الإنسان لنشاط معين ثم لا يلبث أن يفتر هذا الحماس بعد فترة ، مثل تحمس شخص لشراء كتاب حول موضوع يهمه ثم لا يلبث أن يقرأ بضع صفحات منه ثم يتركه أو يتحمس لمشروع ما ثم يفتر حماسه بعد فترة وجيزة من بداية العمل فيه وأشار إلى أن الحماس ليس له وزن أو شكل بل هو قوة معنوية ، ويمكن تعريفه بأنه عبارة عن قوة معنوية تبث النشاط والعزم في نفس الإنسان ، وتدفعه لإنجاز نشاط محدد ، لتحقيق أهداف يرغبها .

أنواع الحماس

يقسم د. إبراهيم الفقي الحماس إلى 11 نوعا ، هي : حماس تام ، حماس الضرورة ، الحماس الروحاني ، الحماس الصحي ، الحماس الذهني ، الحماس العاطفي ، حماس التقدير ، حماس الإنجاز ، الحماس المهني ، الحماس المادي ، الحماس الخيالي .
فالحماس التام يوجد لدى الطفل في سنوات عمره الأولى ، يدفعه نحو التحرك هنا وهناك للإكتشاف والمعرفة ، فالطفل ليس في حاجة إلى تعلم الحماس ، وحماس الضرورة فيظهر في حالة الخطر ، عندما يتعرض الإنسان إلى ما يهدده بالأذى أو الموت ، فتندفع قوة من الحماس بداخله بهدف النجاه ، تساندها عوامل فسيولوجية (إدرينالين الغدة الكظرية الذي يساعد على استنفار أعضاء الجسم
) .
الحماس الروحاني : وهو الحماس الذي تبثه في النفس العبادات والأعمال
التي يتقرب بها الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى ، والقوة الروحانية للعبادة هي المصدر الدائم الذي لا ينفد للحماس ، الحماس الصحي : وهو الناتج عن النشاط الرياضي وما يبثه في النفس من مشاعر القوة والحماس أو الناتج عن اتباع إرشادات صحية للمحافظة على سلامة ورشاقة الجسم .

أما الحماس الذهني : فيتمثل في نتاج الأفكار القوية التي تسيطر على ذهن الشخص ، فحياتك من صنع أفكارك (كما قالت هيلين كلر) ، والفكرة بالغة الخطورة في حياة الإنسان ، فقد خلق الله تعالى المخ البشري بآلية عمل تسير تجاه ما يبث فيه من أفكار ، مع تكرارها مرة بعد أخرى . والحماس الذهني يجب أن يدعم بخطوات ضرورية مثل : الرغبة ، القرار ، التعليم ، الفعل الإستراتيجي المزود بالقيم والعدل ، وذلك حتى تتكلل جهودك بالنجاح.

الحماس قوة وروعة

الحماس العاطفي : وهو من أقوى أنواع الحماس ، وينبع من عاطفة الحب تجاه الجنس الآخر ، ويزود الإنسان بقوة تساعده على التفاعل الصحي والسليم والمثمر مع كل من حوله من أشخاص ، علاقات ، أعمال .
أما حماس التقدير ، فقد أشار د. الفقي إلى ما أكده "وليم حيمس" أبو علم النفس الحديث من أن الحاجة للتقدير هي إحدى أهم الحاجات الأساسية للإنسان ، فكل إنسان يحتاج إلى الشعور بأنه محبوب ومقدر من الآخرين ، ويقابل عمله بالشكر غير أنه حذر من "الحماس السلبي" ، الذي ينتظر صاحبه التقدير ، فقد يصاب صاحبه بالإحباط في حالة عدم وجوده (التقدير) ، مؤكدا أن الشخصية الواثقة لا يؤثر في معنوياتها عدم التقدير لمجهوداتها .
حماس الإنجاز : أثبتت الدراسات العلمية النفسية أن الحاجة للإنجاز ، حاجة ضرورية للإنسان ولسلامه النفسي ، فالإنجاز يشعر الإنسان بقيمته في الحياة ويدفعه إلى تطوير أداءه والإرتقاء بذاته .
وقال الفقي إن الأحاسيس هي وقود الإنسان ، وخاطب الحضور محفزا وبلهجة ملؤها الحماس : انجز مع الله ، انجز في صحتك ، انجز في علاقاتك ، مذكرا بقوله تعالى : " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ...... الآية" (التوبة : 105) سبحانه سيرى ما تقوم به من عمل .. فقدم نفسك .
واضاف الفقي أن عدم الإنجاز ، وتكرار ذلك يصيب صاحبه بالإكتئاب ، ما يكون عقابه الحقيقي .

أنت المسئول


أنت المسئول عن عملك وإنجازك فيه أو عدم إنجازك ، احذر الإكتئاب أو الحساب الإلهي ، ووجه المحاضرالحضور إلى ضرورة تعليم أبنائهم المسئولية ، الطفل يجب أن يتعلم منذ نعومه أظفاره ، المسئولية وأنه مسئول عن أفعاله ، في حالة إهماله أو تفريطه أو خطائه ، هو وحده الذي يتحمل مسئولية ذلك . (مثل إهمال التلميذ في المذاكرة ، فسوف يحيق الفشل به وحدها

الحياة المتزنة


حتى يحقق الإنسان الإتزان في حياته يجب أن يوازن بين جوانبها جميعا ، فهناك جوانب عديدة لحياة الإنسان :مهني ، روحاني ، أسري ، شخصي
, هذا التوازن يكسب الإنسان قوة وروعة داخلية ، يواجه بها التحديات ، فلو لم توجد تحديات في الحياة لأصيب الإنسان بالإكتئاب ، وذكر المحاضر بأقوال شخصيات تاريخية طموحة ، مثل قول هانيبال : " لو لم أجد طريقا للنجاح فسأصنع الطريق " ، وقول فورد : " لو تأخر علي النجاح ، سأمضي بدونه" .

الحماس المهني : وهو اتجاه الشخص بكل قواه نحو عمل معين أو مشروع معين يحبه الحماس المادي : وهو الرغبة الكبيرة في جمع المال واكتنازه ، والتحرك بقوة في كل الإتجاهات من أجله ، وحذر د.إبراهيم الفقي من أن المال يمكن أن يدمر صاحبه ، مشيرا إلى ما روي عن أحدهم قوله : "أنا أغنى من ملك فرنسا ، فالقليل يكفيني ولا يكفيه" ، في إشارة إلى القناعة وإلى أن الغنى غنى النفس .

الحماس الخيالي : وهو الصورة التي يرى بها الشخص ماضيه وحاضره ، حيث يتحول فيها الماضي غير السعيد إلى مهارة بتغيير الإدارك له .
وقال د. إبراهيم الفقي إن الماضي انتهى ومن غير المنطقي استمرار الألم منه ، اخرج من دائرة الخبرات المؤلمة ولا تستمر في التحرك داخلها ، هذا أمر غير منطقي لأنك قد أصبحت في مكان وزمان مختلفين عن ما مضى وانتهى ، انظر إلى يومك وعشه كأنه آخر يوم في حياتك .

ماذا لو فقدنا الحماس ؟

يؤدي فقدان الحماس إلى الإتجاه إلى التفكيرالسلبي ، الذي يؤدي بدوره إلى تداعيات خطيرة ، كل حالة ناتجة عن سابقتها ، وهي على التوالي : إحباط - ضياع - وحده - خوف - ضياع فرص - مماطلة - شكوى - تعب - وأخيرا دائرة الإكتئاب الخطيرة.
التفكير الإيجابي يعبر عنه : نشاط ، تخطيط مدروس ، فعل ، تحسن كل يوم.
أما التفكير السلبي ، فبالإضافة إلى ما سبق ، يتعرض صاحبه لتداعيات فسيولوجية خطيرة ، حيث يبدأ الجسم في إفراز أحماض بالغة الخطورة على الصحة (تم حقن فئران التجارب بهذه الأحماض فماتت على الفور) .

ولفت الدكتور إبراهيم الفقي إلى
أن اليابانيين يعيشون علىأربعة كلمات ، هي : صباح الخير ، كيف حالك ، التحسن المستمر ، المرونة التامة .
فالكلمة الأولى تعبر عن حب الآخرين ، الثانية : الحرص عليهم والتواصل معهم ، الثالثة : العمل الدائم والدائب
على تطوير الذات ، الرابعة : التحول من نشاط لم ينجح إلى آخر بمرونة وسلاسة . مضيفا أننا نحن المسلمين نضيف إلى هذه الكلمات أو المفاهيم مفهوم آخر هو " الروحانية" في إشارة إلى الإسلام .

الفقي في إحدى الأمسيات روابط السعادة والألم


الحماس قوة إلهية

كلمة الحماس باللغة اللاتينية تتكون من أكثر من مقطع ، وتعني "القوة الإلهية" .. ولكن احذر .. الحماس هو وقودك غير أن الوقود قد يحرق المركبة ، إذا لم يستخدم استخداما سليما ، فيجب أن يكون للحماس أهدافا سليمة ومرتبطة بقيمة عليا ، أي يجب أن يكون " حماس متزن " .. اسأل نفسك : ما هي الفكرة التي تحمسك ؟ ما هي رؤيتك عن نفسك ؟ ما هي رسالتك في الحياة ؟

جذور الحماس


القيم هي جذور الحماس الحقيقية ، انظر إلى شجرة البامبو التي تزرع في آسيا ، فهي شجرة عجيبة ،
تظل جذورها تحت الأرض لمدة خمس سنوات تحتاج لري ورعاية ، ثم تنمو بسرعة إلى أعلى .. عمق جذورك وقويها بالتفكير الإيجابي والرؤيا والأمل والعمل , ولفت د. الفقي إلى نتيجة دراسة علمية أظهرت أن حوالي 90% من أفكار الناس سلبية ، وأكد ضرورة قيامنا بعملية تصحيح واسعة لأفكارنا .. "اللخبطة الداخلية تنتج إنسان ملخبط ".

هل الحماس وحده كاف ؟


الحماس لا ينتهي ، يرتفع وينخفض حسب أولويات الحياة المتغيرة ، ولكنه غير كاف وحده ، يجب أن
تساندهالمهارة، فالمهارة هي أحد أهم مفاتيح النجاح . ومن مفاتيح النجاح الأخرى : رؤية واضحة ، رغبة في تحقيقها ، اعتقاد في الذات ، توقع ايجابي ، معرفة ، مهارة (المعرفة بنت المهارة) ، التخطيط الإستراتيجي .

اجعل حياتك : عمل مستمر ، عدل أهدافك ، قيم نفسك ، قيم قدراتك ، غير أهدافك ، وتذكر "التحسن المستمر" و"المرونة التامة" .
ابدأ .. إنجز ، وإذا جائت النتائج على غير ما تتوقع لا تسمي هذا فشلا ، ولا تستسلم للتفكير السلبي وغيره من مؤثرات الخارج المحبطة .. غير الفعل تغير النتائج ، واحذر من "منطقة الراحة" تلك الناتجة عن توفر ضمانات الحياة ، من استقرار المسكن والوظيفة والدخل ..... الخ ، عدم حدوث التغيير لفترة طويلة يجرنا إلى الروتين والملل ويقود إلى التفكير السلبي .. اسعى نحو إنجازات جديدة ، تقودك إلى التفكير الإيجابي باستمرار .

روابط السعادة والألم


تحكم هذه المتلازمة معظم تصرفات البشر ، حيث يتجه الإنسان إلى فعل
ما يتصور أنه يسعده حتى لو كان فيه الألم في حقيقته (مثل المدخن) ويبتعد عن ما يتصور أن فيه الألم حتى لوكان يحوي السعادة .. ارتباك التصرفات يأتي نتيجة ضياع الرؤية وغموض الهدف أو عدم وجوده .. من الضروري توفر : النية ، الإرداة (القوية) .. نظف نيتك كل يوم قبل نومك ، تلك التي لا يعلمها أحد سوى الله سبحانه تعالى وأنت .

في حالة انخفاض الحماس ، ارجع بسرعة للقيمة العليا ، اتصل بالله سبحانه وتعالى ، تزيد طاقتك الروحانية ويرتفع حماسك بصورة رائعة .
تعلم إستراتيجيتك الداخلية ، وغير إستراتيجية الفشل ، واعلم أن مساعدة من يحتاج إلى الحماس تزيد من حماسك.


الفقي في سطور


د.إبراهيم الفقي هو مؤسس ورئيس مجلس إدارة المركز الكندي للتنمية البشرية ، حاصل على درجةالدكتوراه فىعلم الميتافيزيقا من جامعة ميتافيزيق بلوس انجليس بالولايات المتحدة ، مؤلف علم ديناميكية التكيف العصبي ، وعلم قوة الطاقة البشرية.
مدرب معتمد فى البرمجة اللغوية العصبية من المؤسسة الأمريكية للبرمجة اللغوية العصبية ، ومدرس معتمد للعلاج بالتنويم المغناطيسى من المؤسسة الأمريكية للتنويم المغناطيسى ، ومدرس معتمد فى الذاكرة من المعهد الأمريكى للذاكرة بنيويورك ومدرب معتمد للتنمية البشرية للشركات والمؤسسات من حكومة كيبيك بكندا .
وله مؤلفات ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والعربية ، حققت مبيعات واسعة حول العالم ، كما درب أكثر من 700 ألف شخص فى محاضراته حول العالم ، وهو يحاضر ويدرب بالإنجليزية والفرنسية والعربية. وهو بطل مصر السابق فى تنس الطاولة لعدة سنوات ، يقيم حاليا فى مونتريال بكندا مع زوجته السيدة آمال وابنتيهما التوأم نانسى ونرمين.

* * * *