Monday, December 31, 2007

التعامل مع العجز

قد يصاب المرء بعجز في الأرادة
مع وجود القدرة علي الفعل ولكن الإرادة تعجز لأسباب نفسية
للتعامل مع هذه الحالة و الخروج منها اليك الآتي

*** التفكيك و السيطرة : هذه تعتبر استراتيجية في التعامل مع المهام الكبيرة و الأفكار الضخمة المعقدة و هي ببساطة ان يتم تفكيك هذه المهام لمهام اصغر قابلة للتحكم و السيطرة و التنفيذ
*** تكتيك الساعة الواحدة : بمعني عندما تشعر بالملل و عدم الرغبة في الأنجاز - تذكر ان تضع اعلي قيمة للساعة القادمة فقط و لاتفكر و لا تحمل هم ما بعد ذلك - بتطبيق ذلك التكتيك يتم التحايل علي النفس لسحبها للتنفيذ و يكون هناك احتمال اعلي للأستمرار بعد ذلك . ملحوظة عند انتهاء هذه الساعة يعاد هذا التكتيك ثانية

Saturday, December 08, 2007

فقه إدراك الذات وتزكيتها

فقه إدراك الذات وتزكيتها

بقلم - أسامة طه حمود


Image

إدراك الذات هو أرقى أنواع الإدراك، هكذا يقول العلماء والنفسانيون، فالنفس الإنسانية لا يَطلب لها العافية إلا من أدرك ما بها من أدواء، وما نزل بها من بلاء، فأول الشفاء هو الإحساس بالمرض، فالشعور بالنقص أول مراحل الكمال.

فكم من امرئ لا يدري أنه عليل؛ لأن في رأسه بعض العلوم، ولو فتّش عن نفسه ربما وجدها مليئة بالمشاعر التي لم تعالج، والخشونة التي لم تهذب ورُبّ إنسان قليل في معارفه، إلا أنه عميق الإخلاص، كثير التفتيش عن عيوبه، والاعتراف بتقصيره، هذا بلا شك أرقى من الذي رضي عن نفسه واغتر بها، يقول الإمام ابن القيم: "أصل كل معصيةٍ وغفلة وشهوة الرضا عن النفس، وأصل كل طاعة ويقظة وعفة عدم الرضا منك عنها، ولأن تصحب جاهلاً لا يرضى عن نفسه، خير لك من أن تصحب عالمًا يرضى عن نفسه".

إن النفس الإنسانية موئل الفضائل، كما أنها جُبّ الرذائل، إنها إذا ما أهملت لصقت بها مجموعة خسائس ولا بد، فإذا ازداد الإهمال ازداد الاتساخ ولا شك. وحتى نلقى الله تعالى وهو عنا راضٍ، لا بد أن نَقدم عليه بصفحةٍ نقية، وقلب سليم: "يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" (الشعراء 88 - 89).

إن الدين ليس أحكامًا جافة، وأوامر ميتة، إنه قلب يتحرك شوقًا ورغبة، شوقًا يحمل صاحبه إلى المسارعة في الخيرات وهو يردد: "وَعجِلتُ إلَيكَ رَبِّ لِتَرْضَى" (طه: 84)، فكيف نحوّل التكاليف الصعبة إلى شيء سائغ مرغوب؟ كيف نصنع الضراعة الحارة لتسوق أرواحنا إلى الرحيم الودود؟

الذات عبارة عن مدركات وقيم تنشأ من تفاعل الفرد مع البيئة، يبلورها الفرد ويعتبرها تعريفًا نفسيًّا لذاته. وأفضل طريقة لفهم الذات هي الوصول إلى طريقتها في الإدراك، أو ما يسمى بالإطار المرجعي الداخلي للفرد.

والذات في حالة نمو وتغير نتيجة التفاعل المستمر مع البيئة، فكلما نما إدراك الفرد، واكتسب خبرات أكثر وتنوعت مشاربه، ازداد مفهوم الذات لديه، وأمسى أقدر على إدراك المعلومات والخبرات بدون تشويه. وأصحاب الذات الفعَّالة الناجحة، هم الذين يدركون الحقيقة بكفاءة، ويقبلون ذواتهم كما هي، ويقبلون الآخرين كما هُم! إنهم تلقائيون في تفكيرهم وسلوكهم، يركزون اهتمامهم في المشاكل، أكثر من تركيزهم على ذواتهم وتضخيم حظوظها. وأيضًا من سمات صحاب الذات الإيجابية، أنهم يجربون دائمًا الجديد ما دام نافعًا، ولا يلتصقون بالقديم ولا يتجمدون عليه، وهم أقوام يحاولون استكشاف عيوبهم، فهم يتحلّون بالشجاعة في مواجهتها والقضاء عليها.

كيف تدعم ذاتك؟

ولتدعيم الذات لا بد أولاً من مرحلة الاستطلاع والاستكشاف؛ ليتعرف الفرد على جوانب القوة لديه لاستغلالها، والجوانب السلبية ليضع لها العلاج المناسب. وهناك طريقتان لمعالجة المشكلات الناجمة عن جمود الذات وضعفها وسلبيتها، وتقوم الطريقة الأولى على مجابهة القيم السلبية بالقوة والقهر، وهذه طريقة لا تعالج مشكلات النفس وحدها، بل قد تزيد في مضاعفاتها، فالإنسان لا يعالج بقرارات جافة وأوامر جامدة فحسب. أما الطريقة الثانية فتقوم على معالجة الذات بالحكمة واللين، مع توافر جو من المودة والتقبل، وذلك بوسائل التربية القائمة على الدراسة

والخبرات، واستعمال هذه الطريقة يقتضي استمرار تحسس الأداء، واستمرار الكشف عن النفس وأغوارها في أجواء النقد الذاتي والشفافية الكاملة، ولا يصل لذلك إلا موفّق.

والقاعدة الصحيحة في تطوير الذات وتنميتها ومعالجة السلبيات الجاثمة وتجفيفها، هي أن تقوم التربية البصيرة بالتوجيه إلى القيم المرغوبة في ميادين الحياة بكل أشكالها.
ففي الوقت الحاضر مثلاً يبدأ الشباب في تكوين الاتجاهات والقيم الذاتية وهم متأثرون بخليط مضطرب من قيم العصبية والقبلية، مع قيم الحضارة الغربية البراجماتية، بالإضافة إلى قيم الاستهلاك التي أفرزتها حضارة اليوم، فحضارة المادة تربط الإنسان بالأرض وتقطعه عن السماء، وتعلق ذاته بمطالب الدنيا وتُذهلها عن مطالب الآخرة، أي أنها تسير بالإنسان في اتجاه معاكس للدين كله. ولا غَرو أن قيم التقوى الإسلامية تعالج كل هذه الأخلاط المشوِّهة للذات، فهي تمنح الذات ثقة وقدرة خاصة على الكشف، ومعرفة مدى القصور في كل زاوية من دروبها، فكل درب وميدان يتطلب قيمًا إيجابية معينة، توجه الذات وأنماط السلوك نحو هدف معين، وهذا بداهة يتطلب تزكية خاصة مستمرة لا توجد إلا في قيم التقوى.

على العاقل أن يخاطب نفسه ويغريها بالعمل الصالح والتشمير له، كما يعلمنا الإمام ابن القيم رحمه الله -وهو من أفضل من كتب عن النفس- وهو يغرينا بمخاطبة النفس والتلطف معها،

يقول: ويحك لو عرفت قدر نفسك ما أهنتها بالمعاصي، إنما أبعدْنا إبليس؛ لأنه لم يسجد لك وأنت في صلب أبيك، فوا عجبًا كيف صالحته وتركتنا؟! ويقول: لو كان في قلبك محبّة لَبَان أثرها، ومن استطال الطريق ضعف مشيُه، وتذكّر حلاوة الوصال، يَهن عليك مرّ المجاهدة! ويقول بكلمات حارة دافعة: لما كثر المدّعون محبة الله، طولبوا بإقامة البيّنة على صحة الدعوى، فتنوع المدّعون في الشهود فقيل لا نثبت هذه الدعوى إلا ببيّنةِ: "قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ" (آل عمران: 31)، فتأخر الخلق كلهم وثبت أتباع الرسل في أفعاله وأقواله وهديه وأخلاقه، فطولبوا بعدالة البينة وقيل لا نقبل العدالة إلا بتزكيةِ: "يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ" (المائدة: 54)، فتأخر أكثر المدّعين للمحبة وقام المجاهدون، فقيل لهم: إن نفوس المتحابين وأموالهم ليست لهم فسلِّموا ما وُقِّع عليه العقد في: "إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ" (التوبة: 111)، وعقد التبايع يوجب التسليم من الجانبين! فلما رأى التجار عظمة المشتري -الله تعالى- وقدر الثمن -الجنة- وجلالة قدر من جرى عقد التبايع على يديه -سبحانه- ومقدار الكتاب -القرآن- الذي أثبت فيه هذا العقد، عرفوا أن للسلعة -النفس- قدرًا وشأنًا ليس لغيرها من السلع، فرأوا من الخسران البيِّن والغَبن الفاحش أن يبيعوها بثمن بخس دراهم معدودة، تذهب لذّتها وشهوتها وتبقى تبعتها وحسرتها، فإن فاعل ذلك معدود في جملة السفهاء، فعقدوا مع المشتري بيعة الرضوان رضاء واختيارًا وقالوا: والله لا نقيلك ولا نستقيلك، فلما تم العقد وسلّموا المبيع، قيل لهم: قد صارت نفوسكم وأموالكم لنا والآن فقد رددناها عليكم أوفر ما كانت وأضعاف أموالكم معها: "وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" (آل عمران: 169).

بمثل هذا الكلام الحار يخاطب المرء نفسه، ويطور ذاته بما ينفعها في يومها وغدها، وهذا مع الأيام يزيد ويرسّخ في الإنسان قيم التقوى والعلم والعمل. ومع الملاطفة لا بد من الإصرار، فإذا أردت النجاح، وعندما لا ينفع شيء آخر لتطوير ذاتك، ضع الأمر موضع التحدي! إن عدم إدراك الذات، وبالتالي عدم تطويرها، يرجع إلى البُعْد عن قيم التقوى وتبعاتها، وإلى ضعف العزائم وتهافت الإصرار، وأساس البُعْد عن قيم التقوى وضعف العزائم، يرجع بصفة عامة إلى عقبات كَأْدَاء، أذكر منها واحدة، لعلها العقبة التي أعيت الأولين والآخرين، أعني الغرور وتضخم الذات.

الغرور بالذات وتزكية النفس

بعض الناس إذا أحرز شيئًا من العلم، أو إذا دَلَفَ وانتمى إلى قبيلة ما، أو طائفة ما، تضخم عنده الإحساس بالذات، وظن أنه ناج لا محالة، وهذا عين الخسران وأول البهتان. فالمرء مؤاخذ بعمله، غير ناجٍ بنَسبه، قالها خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام وهو يعلم أمته كيف تحترم العم ل: [يَا ‏عباسُ بْن عَبد المطلِبِ ‏لا أُغنِي عَنْك مِن اللهِ شَيْئًا، ويا‏ ‏صفِيَّة عمةَ رسولِ اللهِ ‏لا أُغنِي عَنْك مِن الله شَيْئًا، ويا ‏فَاطِمة بِنْتَ مُحَمد، ‏سَلِينِي مَا شِئْتِ مِن مَالِي لا أُغْني عَنْك مِن اللهِ شَيْئًا]

أخرجه البخاري ومسلم وأصحاب السنن.

إن أول عقبات إدراك الذات ونقدها وتطويرها،
تحول الانتماء عند البعض إلى غاية، والارتباط العنيف بشيء ما، يخرجه حتمًا عن الاعتدال والحسنى، وهذا يولد دائمًا نفوسًا مستنفَرة، وفي غمرة التحديات والصراعات التي يعيشها فرد أو جماعة أو أمة، يتبدّد الجهد في سبيل المراجعة الذاتية لافتقار الشروط الموضوعية لذلك. وكلما كان الصراع حادًّا كانت المراجعة في أتونه شبه مستحيلة، خاصة إذا ما كان موضوع المراجعة متصلاً بأحد عناصر الصراع الأساسية:
كالهُويّـة.. والتاريـخ.. والتـراث. فلا شك أن الانصراف كليّة عن عيوب الذات والاشتغال بالآخر، بات من الظواهر المستفحلة التي قوّضت فرص تصحيح الرأي والموقف والسلوك. ولقد تشربت ظاهرة الاشتغال بالآخر والرضا عن النفس ببعض النصوص الضعيفة السند، وتحت غطاء الفِرقة الناجية التي لا يُطالها عذاب الله، وكأن المشمولين من هذه الفرقة يمتلكون بطاقات عبور إلى الجنّة اختصّهم الله بها.

وربما تحولت تلك النصوص التي تعزّز مثل هذه القناعات -مع الأيام- إلى مادة مخدّرة لدى البعض، يضفونها على تقاعسهم عن المحاسبة، أو التجديد، أو أداء فروض الله وحقوق العباد. والفقه الإسلامي يقول هنا: لا يغني عن الإنسان شيء من الله إلا بعمل، ولا تُنال ولاية إلا بورع، بل إن أشد الناس حسرة يوم القيامة، من وصف بالعدالة ثم خالفها إلى غيـرها! فمن ظن أنه

ينجو بتقوى أبيه أو بأفعال أصله أو نسبه، كمن ظن أنه يشبع بأكل أبيه أو يُروَى بشرابه، والتقوى كما هو معلوم، فرض عين لا يجزي فيها والد عن ولده‏: "وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا" (لقمان: 33). ‏‏إذن وجود مناخ الرضا عن النفس، يؤجّل ظهور شعور الحاجة إلى المحاسبة والتجديد والنقد الذاتي.

إن النقد الذاتي هو حديث عن الذات وتفتيش عن العيوب والسلبيات، بحيث نصحح تصوراتنا عن الذات في مختلف الحقول الفكرية والتربوية والحركية، حتى نتقدم خطوة نحو الأمام، أي خطوة نحو الخالق البارئ سبحانه، وفي الحديث القدسي: [وإن تقرّب إليّ بشبر تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إليّ ذراعًا تقربت إليه‏ ‏باعا،‏ ‏وإن أتاني يمشي أتيته هرولة] متفق عليه. وتأكيدًا لفكرة النقد ومحاسبة النفس يجب أن نفهم بعمق كلمة للإمام الكبير ابن قيم الجوزية في كتابه "الوابل الصيب" يقول: "ومطالعة عيب النفس والعمل، توجب له الذل والانكسار والافتقار والتوبة في كل وقت، وأن لا يرى نفسه إلا مفلسًا، وأقرب باب دخل منه العبد على الله تعالى هو الإفلاس فلا يرى لنفسه حالاً ولا مقامًا ولا سببًا يتعلق به، بل يدخل على الله تعالى من باب الافتقار الصرف والإفلاس المحض دخول من كسر الفقر والمسكنة قلبه حتى وصلت تلك الكسرة إلى سويدائه فانصدع، وشهد ضرورته إلى ربه عز وجل، وكمال فاقته وفقره إليه، وأن في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقة تامة وضرورة كاملة إلى ربه تبارك وتعالى، وأنه إن تخلى عنه طرفة عين هلك وخسر خسارة لا تجبر إلا أن يعود إلى الله تعالى عليه ويتداركه برحمته، ولا طريق إلى الله أقرب من العبودية، ولا حجاب أغلظ من الدعوى!.

حبٌ كامل..وذلٌ تام..

العبودية مدارها على قاعدتين هما أصلها: حبٌ كامل.. وذلٌّ تام.. ومنشأ هذين الأصلين عن ذينك الأصلين المتقدمين وهما: مشاهدة المنّة التي تورث المحبة.. ومطالعة عيب
النفس والعمل التي تورث الذل التام. ثم يقول رحمه الله: وإذا كان العبد قد بنى سلوكه إلى الله تعالى على هذين الأصلين لم يظفر عدوه به إلا على غِرة وغيلَة، وما أسرع ما يُنعشه الله عز وجل ويجبره ويتداركه برحمته".

إن الرضا عن النفس أو تزكيتها هو تعبير عن امتلاء النفس بالفخر، أو هو شعور غامر بالعظمة الكاذبة، وإعجاب المرء بنفسه داءٌ قديم حديث،
ينشأ من جهل الإنسان بربه، واغتراره بما أوتي وإن كان قليلاً، وهذا دائمًا شأن العاجز المغرور الذي لا يرى القضايا إلا

مقلوبة، أو هو الذي تتمدد لديه الأشياء الصغيرة لتصبح كل شيء. أما الموفق الصادق، فإنه يع لم أن النعم التي هو فيها، إنما وصلت إليه من سيده سبحانه من غير ثمن بذله فيها، وقديمًا لما تسافَه اليهود واغتروا بمواريثهم وقالوا: (لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى.."، فرد عليهم القرآن: "..تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" (البقرة: 111)، وكذا هدّدهم القرآن الكريم على هذا الادعاء الكاذب لما قال تعالى: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء" (النساء:49) يقول الإمام الفخر الرازي في تفسيره: "اعلم أنه تعالى لما هدّد اليهود بقوله: (إنّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) قالوا: لسنا بالمشركين، بل نحن خواص الله، كما حكي عنهم في موضع آخر، قالوا: (نَحْنُ أبْنَاءُ اللهِ وَأَحِباؤُه) (المائدة: 18) وبالجملة، فالقوم قد بالغوا في تزكية أنفسهم، فذكر الله تعالى في آية النساء أنه لا عبرة بتزكية الإنسان لنفسه، وإنما العبرة: بتزكية الله تعالى له، وفي الآية مسائل: المسألة الأولى: التزكية في هذا الموضع عبارة عن مدح الإنسان نفسه، قال تعالى: (فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) (النجم: 32)؛ وذلك لأن التزكية متعلقة بالتقوى، والتقوى صفة في الباطن ولا يعلم حقيقتها إلا الله، فلا جَرَم لا تصلح التزكية إلا من الله، فلهذا قال: (بَلِ اللهُ يُزكّي من يَشَاءُ). إن غزارة المعرفة أو كثرة الطاعة ينبغي أن تُستر بالعبودية الخالصة لله، فلولا فضل الله وتوفيقه ما زكى من أحد أبدًا.

إن فراغ القلوب من قصد الله تعالى، وتضخيم حظوظ النفس، دليل على أن الإيمان دعوى، وستظل الأماني الخادعة تفتك بأصحابها وتصرفهم عن ميادين التربية الصحيحة، حتى يعرفوا الحق ويقصدوه قصدًا. إن الدين ليس ابتعادًا عن محرمات ومحظورات فحسب، إنه تزكية وتطهير للنفس، إنه حب ووجل ممّن سبقت نعماؤه، إنه مسارعة للقرب من صاحب المحامد سبحانه، فرب العالمين أولى بالتمجيد، وأحق بالمحبة والقرب، وبغير هذه المشاعر لن ننال ذرة من طهارة نفس أو زكاة عمل".


كاتب وباحث تربوي يمكنكم التواصل معه عبر البريد الإلكتروني للصفحةtazkia@iolteam.com

Sunday, October 21, 2007

من شعر الشافعي رضي الله عنه



وإذا مت لست أعدم قبرا

أنا إن عشت لست أُعدم قوتا

نفس حر ترى المذلة كفرا

همتي همة الملوك ونفسـي

فلماذا أخاف زيدا وعمروا

وإذا ما قنعت بالقوت عمري


عن الطمع

Thursday, July 19, 2007

دمياط.. مجتمع بلا فاقد

"الدمايطة لا يرمون أي فضلات بالمرة".. كان هذا رد أحد المنتسبين لمحافظة دمياط المصرية عندما داعبه أحد زملائه بقوله إن الدمايطة يلقون أكياس القمامة الخاصة بهم بعيدا حتى لا يعرف أحد ماذا كانوا يأكلون، خشية الحسد.
فالزوجة الدمياطية تجهز لزوجها قبل توجهه إلى عمله "كيس بلاستيك" يتضمن كل بواقي الطعام من أرز وخبز وخضار مطبوخ ليحمله زوجها معه في سيارته، ويقوم أحد صبيانه بنقل الكيس إلى سطح المنزل، حيث تساهم تلك البواقي في إنتاج لحوم الدواجن والبيض وتقلل من تكلفة شراء الأعلاف.
وتتعدد مشاهد الاستفادة من الفاقد في دمياط، المحافظة الواقعة على المصب الشرقي للنيل بالبحر الأبيض المتوسط، المشهورة بتصنيع الأثاث والتي تدخلها مئات الأطنان من الأخشاب سنويا؛ فقطع الخشب الصغيرة المتناثرة خلال عمليات التصنيع يتم تجميعها ولصقها لاستخدامها في نحت أشكال جمالية تزين الأثاث وهو ما يعرف بصناعة المارتكليه، والمسامير التي تتناثر على الأرض خلال العمل يقوم أحد صبية الورشة بتجميعها ثم تعديل قوامها لإعادة استخدامها مرة أخرى، وفي أثناء عملية تقطيع تلك الأخشاب ينتج عنها غبار من نشارة الخشب، يتم تجميعها وبيعها كوقود للأفران، أو كفرش للعنابر بمزارع تربية الدواجن.
ولا يوجد ترزي رجالي أو حريمي دمياطي يلقي بقصاقيص الأقمشة، ولكن يتم تجميعها حتى يحضر البعض لشرائها كمادة خام لصناعة الكليم، حتى لمبات النيون المحترقة يقوم وافدون من قرية بطرة بمحافظة الدقهلية بشرائها حيث يمكن استخدامها داخل تلك القرية، فالقرية بها محطات لتقوية الإرسال التلفزيوني ذات ضغط عال، تضيء بذبذباته تلك اللمبات المحترقة.
وتماشيا مع هذه الثقافة شهدت دمياط إقامة أول مصنع مصري لتدوير القمامة من خلال تحويلها إلى سماد وفرز الأصناف الأخرى الزجاجية والورقية والبلاستيكية لإعادة تدويرها في صناعات أخرى.
سلوك منزلي يومي
وداخل البيت الدمياطي هناك ركن لتجميع أي بواق لإعادة الاستفادة منها؛ فالعبوات البلاستيكية أو الزجاجية للسلع المختلفة يتم تنظيفها لإعادة توظيفها داخل البيت، سواء كعبوات للأصناف الموجودة بالمطبخ أو لعمل المخللات بها، وأكياس البلاستيك يتم تنظيفها لإعادة استخدامها، حتى الأوراق المكتوب على أحد أوجهها.. لا مانع من إعادة استخدام الناحية الخالية من الكتابة، ويتم إعادة استخدام أشياء كثيرة أخرى بالمنزل كالصحف القديمة أو الملابس المستعملة أو الحبال والدوبارة.
وطريقة عمل الخبز الدمياطي خاصة بالريف تتيح إمكانية استخدامه لأيام طويلة دون تلفه؛ وهو ما يمنع أي هدر في استخدامه، وتقوم المرأة الدمياطية بتخليل قشر اليوسفي بوضعه في شرش الجبن لإنتاج نوع من المخللات، كذلك تحويل البلح في موسم ذروته إلى عجوة يتم استخدامها طوال العام لحشو الكعك أو استخدامها كصنف حلو.
وتحول إعادة استخدام الفاقد إلى جزء من السلوك اليومي للدمياطي، فيذكر أحد الدمايطة من سكان الريف أن والده قد زرع عددًا من الأشجار أمام المنزل بعدد أبنائه، بحيث كان مطلوبا من كل منهم أن يتوضأ من الإبريق بجوار الشجرة المخصصة له ليكون وضوءا وريا للشجرة في نفس الوقت.
لا للخردة
ولا غضاضة لدى الدمياطي أو الدمياطية من تغيير نعل الحذاء عدة مرات كلما تمزق ما دام كان جلد الحذاء سليما، ولا حرج من تغيير ياقة القميص المتقطعة لإطالة استخدام القميص لفترة أطول، ومن هنا فإن عمليات إصلاح الحقائب والأحذية والملابس تجد رواجا بالشارع الدمياطي، كذلك لا غضاضة من استعارة فساتين الزفاف أو استئجارها تقليلا للنفقات.
ولا يؤدي ثراء البعض إلى اتجاههم إلى الإسراف؛ فعلى الرغم من امتلاك الدمياطي الموسر للسيارة فإنه يرشد من استخدامها، ولا مانع لديه من استخدامه الدراجة في المشاوير البسيطة، وكذلك استقلال سيارات الأجرة في المشاوير الطويلة، والمليونير الدمياطي بسيط في مظهره، ويستمر في أداء العمل بيده وسط العمال حتى يدفعهم للإجادة والإتقان.
والدمياطي يوظف وقته جيدا، فإذا حضر إليه ضيف من محافظة أخرى فإنه يرحب به مقدما له مشروبا أو طعاما خفيفا ثم يستمر في أداء عمله في أثناء ذلك، حتى يحين المساء وهو وقت انتهاء العمل وهنا يصبح ملكا لضيفه.
ويوم الجمعة إجازة مقدسة لدى الدمايطة بحيث لا تشذ عنها أي ورشة إنتاجية أيا كان نشاطها، والإجازة السنوية قاصرة على عيدي الفطر والأضحى، وتطول إجازة عيد الفطر لأسبوعين أكثر لأنها تعقب عملا يستمر ليلا ونهارا خلال شهر رمضان لتلبية رغبات زبائن حجرات الأثاث الذين يحرصون على الزواج بالعيد.
اتهام في غير محله
وعلى الرغم من كرم الدمايطة مع أسرهم فإن البخل يظل سيفا مسلطا تجاه الدمايطة، إلى حد اتهامهم بالبخل حتى في الجنس مع زوجاتهم، ويوضح أحد الحرفيين أسباب الاتهام في أن الدمياطي إنسان منتج، فلا يوجد دمياطي لا ينتج قيمة مضافة، فهذا نجار يحول الخشب إلى حجرات أثاث، وهذا حلواني يحول الدقيق والسكر والزيت إلى حلويات، وهذا صانع أحذية يحول الجلود إلى منتجات جلديه وهكذا.
وكل تلك الأعمال تحتاج جهدا جسمانيا، فلو مارس الحرفي الجنس وسط الأسبوع فإنه سيكون مجهدا في اليوم التالي مما يقلل من إنتاجيته، ومن هنا تحرص الغالبية على ممارسة الجنس ليلة الإجازة ليأخذ قسطا من الراحة في اليوم التالي وحتى لا تتأثر قدراتهم الإنتاجية؛ فالعمل والإنتاج هو الأساس الذي تدور حوله حياتهم، وغير ذلك يلي في الأهمية سواء أكان طعاما أو شرابا أو ترفيها أو مظهرا أو ممارسة للجنس.
الأعمال الخيرية.. دعاية
وعلى الرغم من حب الدمايطة للأعمال الخيرية فإنه لا مانع من ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد؛ فمستشفى دمياط التخصصي الذي تكلفت الجهود الذاتية بتجهيزه اعتمد على فكرة التبرع والدعاية في نفس الوقت، فمن تبرع بعدد من الكراسي للمستشفى قام بكتابة اسمه عليها. ومن تبرع بالأسرة الخشبية كرر نفس الأمر.
ومن تبرع بملاءات الأسرة قام بتطريز اسمه عليها وهكذا، كذلك يعتمد نمط التمويل لشراء الخامات أو التوسع بالمشروعات الحرفية على نمط الجمعيات النقدية بين الأقارب والمعارف هروبا من تكلفة الفائدة المصرفية على الاقتراض من البنوك وتقليلا للنفقات كي تسهل المنافسة السعرية بين المنتجين.
وهناك طرفة تترد عن الدمياطي الذي يحرص على ترشيد استهلاك ما لديه من موارد وأدوات، وهي أن دمياطيا احتاج إلى شاكوش لدق مسمار في حائط بيته، فطلب من ابنه الصغير الذهاب لإحضار شاكوش من أحد الجيران؛ فعاد الابن قائلا إن الجار يعمل بالشاكوش حاليا؛ فأرسله إلى جار آخر فعاد يبلغه بعدم وجوده، فأرسله إلى ثالث ثم رابع دون جدوى، وهنا قال لابنه: "أمرنا لله هات الشاكوش بتاعنا من تحت السرير".

Tuesday, July 03, 2007

الصداقة الثقة الأمانة

لا يمكن أن تكون هناك صداقة بدون ثقة
ولا ثقة بدون أمانة


صموئيل جونسون
من كتاب العادات السبع للناس الأكثر فاعلية - ستيفن كوفي

Thursday, June 14, 2007

صلاة الخاشعين....و الإستعانة بالصبر و الصلاة

من كتابات الشيخ الشعراوي الرائعة

لا بد أن نعشق الصبر, لأنه يجعلنا دائما في معية الله سبحانه, و إن هذه الآية لا تجعل الإنسان ييأس مهما لقي في حركة حياته من مشقة. الخشوع: هو الخضوع لمن ترى أنه فوقك بلا منازع و هو الله سبحانه و تعالى و هو الذي خلق ووهب و أوجد من العدم, وقول الحق: ((وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ)) يلفتنا إلى أن مطلوب الإيمان شاق و يحتاج إلى ضرورة الاستعانة بالصبر و الصلاة, لأن المسألة ليست سهلة تحتاج إلى جهد فالصبر معناه حمل النفس على أمرٍ صعب, و كل مؤمن يدخل منهج الإيمان محتاج إلى الاستعانة بالصبر ليحمل نفسه على مشقة المنهج و تكاليفه, و ليمنع نفسه عن الشهوات التى حرمها الله سبحانه تعالى. و قد فسر بعض العلماء ((الصبر)) بانه الصيام و ما يتبعه من مشقات. و سياق الآية كان يقتضي أن يقال: ((و إنهما)) ولكن قال: ((و إنها)) فهل المقصود الصبر أم الصلاة؟ و نقول عندما يأتي أمران منضمان إلى بعضهما فإن الأمور لا تستقيم إلا بهما, كما جاءت في قول الحق: ((يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ)) ذلك لأن الله و رسوله يلتقيان على حق واحد و ليس لكل منهما حق, و قول الحق سبحانه ((وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)) حيث أن للتجارة و اللهو في وقت الصلاة عمل واحد وهو: شغل المؤمنين عن العبادة و الذكر. و الصبر و الصلاة فيهما مشقة على النفس تبعدها عن نعيم الدنيا و زخرفها, و الصلاة تحارب استكبار النفس, لذا فلا يتم الصبر بلا صلاة و لا تتقن الصلاة إلا بالصبر. و الخشوع سيجعل الإنسان يستحضر عظمة الحق سبحانه و مدى ضالة الإنسان أمام خالقه, ذلك لأن الإنسان يعيش في عالم من الأغيار, لذلك يجب ان يخشع الإنسان للذي لا يتغير. و الذين يغترون بالأسباب نقول لهم: اخشعوا لواهب الأسباب و خالقها, و اعلموا أن الأيام دول فقوى اليوم ضعيف غداً, الم يقل الحق: ((إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)) و عليه الخشوع لا يكون إلا لله و الخاشع هو الطائع لله. الممتنع عن المحرمات الصابر على الأقدار المتيقن أن الأمر كله لله و حده و ليس لأى قوة أخرى و هذا ما يؤكده قول الحق أيضاً: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)) و قد سئل الإمام علي رضي الله عنه عن حق الجار فقال: (( تعلمون. أنك لا تؤذيه؟ قالوا : نعم..قال: و أن تصبر على أذاه)) و قول الحق ((مَعَ الصَّابِرِينَ)) هنا أي: يطلب منك الحق أن تواجه الحياة في معية الله. و الأحداث لا تملأ الناس بالفزع و الهلع إلا ساعة الانفلات من منهج ربهم و الذي يعيش في معية ربه و منهجه لا يجرؤ عليه الشيطان, لأن الشيطان بطبعه خناس و لا يستطيع أن يدخل مع الله سبحانه في معركة و لكنه يدخل معاركه مع من يبتعدون عن منهج الله سبحانه من الناس. إذن.. لا بد أن نعشق الصبر, لأنه يجعلنا دائما في معية الله سبحانه, و إن هذه الآية لا تجعل الإنسان ييأس مهما لقي في حركة حياته من مشقة. و قلنا: إن الإنسان المخلوق لله عندما يقف كل يوم خميس مرات بين يدي الله فإنما يصلح من ذاته و يتطهر من ذنوبه. إن الإنسان صنعة الله, و عندما يذهب الإنسان إلى لقاء خالقه جل و علا فإنه يصلح ما يصيبه من عطب, و قد لا يدري الإنسان هذا اللون من العطب. و هكذا يعد الخالق سبحانه خلقه لمواجهة كل ألوان المتاعب في الحياة بقوله سبحانه: أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ)) إن الحق يدعو المؤمنين إلى الحضور الدائم في معيته, معية النصر و التأييد و المدد. إن أحداث الحياة و المصائب فيها لا يمكن أن تتسلط على النفس إلا إذا انعزلت النفس عن مصدر قوتها, و في هذا الموضع يأتي أمر الحق بالتكليف الواضح, بالصبر على إيذاء اليهود و أهل الكتاب و المشركين لمشاعر المسلمين, قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)). الله تبارك و تعالى يطلب من المؤمنين أن يستعينوا بالصبر و الصلاة في أي أمر في حركة الحياة يفوق طاقة المؤمن و قدرته. و الإنسان يطلب المعونة عند عدم القدرة.. إذن لابد أن تستوعب قدرة الإنسان الفعل فيستطيع إنجازه, و لكن ماذا يفعل الإنسان حين يجيء فعل يفوق قدرته؟ ساعتها يجب عليه أن يستعين بالقادر الذي لا تنفذ قدرته أبدًا. إن هذه الآية يستطيع المؤمن أن يسير على هداها في كل حركة في الحياة، فيقبل على الأشياء مستعينا بمن خلق الأشياء سبحانه، و لا يستعين الإنسان بالخالق جل و علا إلا إذا كان مؤمنا به. و قول الله تعالى: ((استعينوا بالصبر)) معنى ذلك أن الحق ينبهنا إلى أن هناك أحداثاً ستأتي لتستنفذ الطاقة البشرية و تعلو عليها و تتخطاها، و الصبر هنا يدل على أن هذه الأحداث فيها إيلام و فيها مشقة، و كأن الحق يعد النفس المؤمنة لعملية جهادية كبيرة قد تستنفذ طاقة الإنسان العادي، لكن المؤمن يستطيع أن يتحمل مشقة الاحداث بالصبر على ما يلاقيه، إن الحق لا يمني المؤمنين الذين اختاروا السير على الصراط المستقيم في الحياة، بأن طريق الإيمان طريق سهل خال من المشاق. إن مهمة أهل الطريق المستقيم في الحياة أنهم أصحاب حق و أصحاب الحق لا تستنفر هممهم إلا حين يستشري الباطل، و الباطل حين يرى دنياه تتزلزل من تحت أقدامه فهو يحاول جاهداً أن يصد جنود الحق. إن الله يعد المؤمنين بأنهم سيواجهون عنفاً و يواجهون شراسة و يواجهون مكراً و يواجهون كيداً، فإياكم أيها المؤمنون أن تخور منكم القوة و أنتم تؤدون المهمة، هذه المهمة هي: إعلاء كلمة الله في الأرض و إخراج الناس من عبادة الناس إلى عبادة الله الواحد القهار، و هذا الأمر لن يتم بيسر و سهولة، لا بد من المشقة و تحمل تبعات ذلك. إن أعداء الإسلام سيتكالبون عليكم فكونوا أنتم أشد منهم قوة و استعينوا بالصبر. و الصبر هو أن يتحمل الإنسان لونين من المشقة. اللون الأول من المشقة هو: أن الطاعة قد تكون صعبة على النفس فعلى المؤمن أن يصبر عليها. ,اللون الثاني من المشقة هو: أن الطاعة تتطلب أيضاً أن يكف الإنسان عن شهوة تلح النفس عليها، و هذا أيضاً يتطلب صبراً. إذن... فالطاعة تتطلب صبرا في حالة تنفيذ مطلوبها و تتطلب صبراً آخر في حالة الابتعاد عن المشقة، إن الطاعة تتطلب الصبر على القيام بعمل قد يرى الإنسان أنه شاق، و تنهى عن عمل قد يرى الإنسان أنه سهل وفيه لذة، لذلك نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث: (( حفت الجنة بالمكاره، و حفت النار بالشهوات)). الطاعة إذن تتطلب لونين من الصبر، الصبر على مشقة الطاعة لتفعلها، و الصبر على ترك المعصية لتتجنبها، لكن إذا ما ظلت النفس مع الله تعالى باتباع أمره و اجتناب نهيه فلن تقدر أحداث الحياة أن تتسلط بالهموم على النفس الإنسانية. إن الإنسان المؤمن مادام في حصانة دينه فلا يقوى عليه أحداث الحياة، لأنه يواجهها بقدرته المحدودة، و أما الإنسان المؤمن بمنهج الله فهو يعيش في معية ربه القادر القدير، قلا يتغلب عليه أحداً و أبداً إلا إذا انعزل عن معية ربه أو خالف في شيء من منهجه، فإن أراد المؤمن أن يستديم نصر الله، فليظل دائما في معية الله، و الحق يكون مع الصابرين، حتى يعلموا أن الله تعالى يفرج عنهم. إن أمر الحق للمسلمين بالصبر و الصلاة، هو تجديد استدامة الولاء له سبحانه عندما رحلوا من مكة إلى المدينة، و كان اليهود فيها أصحاب شيء من العلم، و لهم جزء من السيطرة على الإقتصاد، لذلك جاء أمر الله بالإستعانة بالصلاة لتستمر القيم التي هجرها اليهود، و أمرهم الحق بالزكاة، لأن الزكاة الزكاة جوهرها إيجاد حركة من الإنسان: لتسع حاجته و حاجة من يعول و تزيد، و بذلك يستغني المسلمون عن اليهود فلا يحتاجون إلى اقتصاد يسيطر عليه هؤلاء الذين لعنهم الله. إن الأمر بالزكاة، و كان جوهره أمراً بزيادة الحركة في الحياة، ليواجه المسلمون أمور حياتهم بحزم، و يصلحوا من هذه الأمور بمنهج الله. إن الحق سبحانه و تعالى يعلم أن تبعات الإيمان، و مواجهة المؤمنين لخصوم الإيمان ستتطلب من المسلمين مشقة عنيفة، فهي تهددهم في ذواتهم و في أهلهم و في أموالهم، لذلك أراد الحق سبحانه و تعالى أن يعطي المؤمنين في هذه البيئة مناعة ضد كل هذه الأشياء، فأمرهم بالاستعانة بالصبر و الصلاة، فقال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)) أحكام الصلاة محمد متولي الشعراوي

Thursday, May 17, 2007

أضف الى مهاراتك ذكاءً وجدانياً


نهى سلامة


Image
يحتاج كل منا إلى اكتشاف مشاعره
كي يجيد التعامل معها

في صباح روتيني جديد، ركبت سيارة العمل كالعادة، لكن شيئا غير عادي كان في انتظارك هذا اليوم، سائق السيارة قدم لك "حلوى"، وهو مبتسم مفعم بالنشاط يدير شريطًا عن الأمل، لم تحاول أن تبحث عن إجابة.. دخلت إلى عملك وقدمت التقرير المطلوب.. فإذا بمديرك يربت على كتفك ويقول: "رائع".. أحسست ساعتها أن طاقة غريبة تفجرت في قلبك لم تشعر بها من قبل.. أفكارك المبدعة التي كانت تراودك بين الحين والآخر وجدت طريقها اليوم إلى اجتماع المدير والذي كان قصيرا ومنجزا.. يا إلهي.. الكل يتحدث بطلاقة وحرية.. والأغرب الكل كان مبتسما! بدأت تسأل من حولك: ما الذي حدث في غيبتي؟ فجاءتك الإجابة: لقد أصاب المكتب ذكاء وجداني حاد.

استيقظت على يد الوالدة لتقول لك: تأخرت عن عملك كالعادة.. فتمتم لسانك: بالطبع كان حلما.. فهذا أمر مستحيل. والحقيقة أن الأمر لم ولن يكون مستحيلا يوما إذا ما أضفنا إلى ذكائنا ذكاء وجدانيا، وإذا ما تعلمنا كيف نتبناه في حياتنا.

نقطة الانطلاق

ظهر مصطلح الذكاء الوجداني في مطلع الثمانينيات حينما بدأت شركة أمريكية عملاقة في امتحان نسبة ذكاء موظفيها أو ما يطلق عليه IQ.. والغريب أن الأشخاص الذين نالوا أعلى درجاته لم يكونوا بالضرورة الأنجح مهنيا أو اجتماعيا.. وبدأ العلماء طرح فكرة الذكاء الوجداني، واحدا تلو الآخر حتى جاء "دانيال جولمن" بكتابه الأكثر مبيعا "الذكاء الوجداني" Emotional intelligence ليجمع أساس هذا العلم في كتاب واحد.

ذهب المتخصصون إلى أبعد من ذلك، حيث أكدوا أن كل إنسان منا في حاجة إلى 80% من الذكاء الوجداني ليصل إلى النجاح وذلك مقابل 20% فقط من الذكاء العقلي.. وقد ظهرت بعض الدراسات الحديثة التي تقول بأن شاغلي مناصب الإدارة العليا بالمؤسسات يحققون ارتفاعا في كفاءة الأداء بنسبة 128% إذا ما تمتعوا بالذكاء الوجداني، وذلك في مقابل 12% لشاغلي مناصب الإدارة المتوسطة مثل مندوبي المبيعات.

ما هو الذكاء الوجداني؟

الذكاء الوجداني هو القدرة على تمييز مشاعرك ومشاعر الآخرين حتى تتمكن من إدارة العواطف جيدًا مع نفسك ومع الآخرين، أو بمعنى آخر هو القدرة على الملاحظة، والتقييم، وإدارة النفس والعلاقات بشكل مميز.

وإذا ما تناولنا هذا التعريف بشيء من التفصيل فيمكن أن نجمل الذكاء الوجداني في أربعة نقاط رئيسية:

1- الدراية بالنفس: أي كيف يميز الإنسان مشاعره ويجعلها شيئًا محسوسًا يضع يده عليه، وكيف يعرف نقاط قوته وضعفه، وكيف يقيم دوافعه وسلوكه ويسأل نفسه لماذا فعلت كذا أو كذا؟ فيجد إجابة شفافة دقيقة.. وتحتاج في ذلك إلى ثقة بغير غرور في إمكاناتك وقدراتك.

2- إدارة نفسك نحو التغيير: فما الذي يفيد في أن تعلم عن نفسك كل شيء ولا تستفيد من هذا العلم في شيء. هل تستطيع أن تجعل منك إنسانا: شفافا مستقيما تتمتع بالأمانة ويثق بك الآخرون؟ هل يمكن أن تكون أكثر مرونة وتفاؤلا لترى نصف الكأس المملوء ومع ذلك تسعى دائما للوصول إلى الإنجاز الحقيقي.. إذا استطعت فأنت تتمتع بذكاء وجداني حاد.

3- الدراية بالآخرين.. باحتياجاتهم.. بمشاعرهم.. بدوافعهم.. باهتماماتهم.. وذلك حتى يتحقق معهم الاتصال الراقي المنشود.

4- إدارة علاقة ناجحة: وهنا لا بد من أن تستفيد بمعلوماتك لتعلم المطلوب منك في هذه اللحظة، هل مطلوب أن تتعاطف؟ تساعد الآخرين؟ أم مطلوب منك أن تدير خلافك بنجاح وتستوعب من أمامك بابتسامتك الساحرة. هل مطلوب منك أن تحفز.. تطلق الطاقات، تتجانس مع فريقك، مديرا كنت أو عضوا، لإنجاز الأهداف المشتركة، تلك الأهداف التي وضعتموها سويا على مائدة واحدة.

لا يزعجك أن أقول: مطلوب منك كل ما سبق لتجعل من نفسك هذا الإنسان الذي يبث في نفسه والآخرين الذكاء الوجداني المطلوب.. ويجعل من سائق السيارة بداية لنهار جميل.

نعم، مطلوب منك أن تتحول إلى إنسان "لطيف".. لكن لا أقصد أن تكون لطيفا جدا، لا تتحرك مع الأحداث إلا بابتسامة فقط، لا تكن حركاتك ردود أفعال، تحكم أنت في مشاعرك بالقدر المناسب، بالوسيلة المناسبة، مع الشخص المناسب، في الوقت المناسب وفي المكان المناسب.

من هو؟

هل تعرفت على ملامحه؟.. يفهم نفسه وما فيها من قوة وضعف، يتكيف مع الظروف الاجتماعية الجديدة بسهولة.. يستطيع أن يتصدى بقوة نفسية للضغوط الخارجية ويعرف كيف يتعامل معها بمرونة.. له مع نفسه جلسات يتابعها ويضع لها خطتها.. مستقيم.. واثق في نفسه بغير غرور.. ثقته بنفسه مستمدة من ثقته بالله وإيمانه بفكرته.. أما مع الناس فهو إلف مألوف، نموذج طيب في أي فريق للعمل، فهو يحترم ويقدر الآخرين.. يتفهم دوافعهم.. ويدير خلافاته بنجاح.. يستدعي لكل مشاعره.. الحب حين الحب.. والغضب حينما لا بد من أن يستدعي الغضب.

بداية الطريق

إذا قررت أن تبدأ فاعلم أن قرارك بداية.. تبني ما تريد.. اجعل فكرتك هي ولدك الذي يترعرع بين يديك.. إياك أن تفلته.. اجعل لنفسك قدوة.. نموذجًا تحب الوصول إليه.. ضع عينيك على ما تريد منذ البداية.. "نهاية عقلك" End of mind كما يقولون غير أن ليس لعقلك نهاية غير تلك التي تفرضها على نفسك. ضع خطة متدرجة لما تريد أن تفعله واستعن بالخبراء في ذلك.

أقول لك.. لعل لنا لقاء قريبا وحتى نلقاك:

في كل صباح.. اكتب ثلاثة أشياء أسعدتك..


كاتبة مهتمة بالعلوم الادارية، ومدربة بمجال إدارة الذات ويمكنك التواصل معها عبر البريد الاكتروني للنطاق namaa@islam-online.net

original url

Wednesday, February 28, 2007

قوة الحماس - روعة داخلية تفجر طاقات غير محدودة

من منا لا يشعر بالحماس .. انه مكون أساسي للنفس البشرية، لكن هل سألت نفسك ولو مرة واحدة ما هي حقيقة الحماس وكيف يتكون وما هي دورته وجذوره ، وما هو السر وراء انخفاض نسبة الحماس ، وكيف يستطيع الشخص الحفاظ على درجة عالية من الحماس مهما كانت درجة المؤثرات الداخلية أو الخارجية ، وكيف تستخدم قوة الحماس في تحقيق أهدافك ?

محيط ـ شريف علام:
editor@moheet.com

د. إبراهيم الفقي

هذه الأسئلة وغيرها يشرحها خبير التنمية البشرية والمحاضر العالمي الدكتور إبراهيم الفقي ، في أمسية عقدت حديثاً بمركز القاهرة للدولي للمؤتمرات ، تحت عنوان "قوة الحماس" ، بحضور أكثر من ألف شخص ، معظمهم من الشباب المثقف والملتزم ، وذلك في إطار مهرجان تدريبي نظمه المركز الكندي للتنمية البشرية .

في البداية طرح د. الفقي هذا التساؤل : لماذا يتحمس الإنسان لنشاط معين ثم لا يلبث أن يفتر هذا الحماس بعد فترة ، مثل تحمس شخص لشراء كتاب حول موضوع يهمه ثم لا يلبث أن يقرأ بضع صفحات منه ثم يتركه أو يتحمس لمشروع ما ثم يفتر حماسه بعد فترة وجيزة من بداية العمل فيه وأشار إلى أن الحماس ليس له وزن أو شكل بل هو قوة معنوية ، ويمكن تعريفه بأنه عبارة عن قوة معنوية تبث النشاط والعزم في نفس الإنسان ، وتدفعه لإنجاز نشاط محدد ، لتحقيق أهداف يرغبها .

أنواع الحماس

يقسم د. إبراهيم الفقي الحماس إلى 11 نوعا ، هي : حماس تام ، حماس الضرورة ، الحماس الروحاني ، الحماس الصحي ، الحماس الذهني ، الحماس العاطفي ، حماس التقدير ، حماس الإنجاز ، الحماس المهني ، الحماس المادي ، الحماس الخيالي .
فالحماس التام يوجد لدى الطفل في سنوات عمره الأولى ، يدفعه نحو التحرك هنا وهناك للإكتشاف والمعرفة ، فالطفل ليس في حاجة إلى تعلم الحماس ، وحماس الضرورة فيظهر في حالة الخطر ، عندما يتعرض الإنسان إلى ما يهدده بالأذى أو الموت ، فتندفع قوة من الحماس بداخله بهدف النجاه ، تساندها عوامل فسيولوجية (إدرينالين الغدة الكظرية الذي يساعد على استنفار أعضاء الجسم
) .
الحماس الروحاني : وهو الحماس الذي تبثه في النفس العبادات والأعمال
التي يتقرب بها الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى ، والقوة الروحانية للعبادة هي المصدر الدائم الذي لا ينفد للحماس ، الحماس الصحي : وهو الناتج عن النشاط الرياضي وما يبثه في النفس من مشاعر القوة والحماس أو الناتج عن اتباع إرشادات صحية للمحافظة على سلامة ورشاقة الجسم .

أما الحماس الذهني : فيتمثل في نتاج الأفكار القوية التي تسيطر على ذهن الشخص ، فحياتك من صنع أفكارك (كما قالت هيلين كلر) ، والفكرة بالغة الخطورة في حياة الإنسان ، فقد خلق الله تعالى المخ البشري بآلية عمل تسير تجاه ما يبث فيه من أفكار ، مع تكرارها مرة بعد أخرى . والحماس الذهني يجب أن يدعم بخطوات ضرورية مثل : الرغبة ، القرار ، التعليم ، الفعل الإستراتيجي المزود بالقيم والعدل ، وذلك حتى تتكلل جهودك بالنجاح.

الحماس قوة وروعة

الحماس العاطفي : وهو من أقوى أنواع الحماس ، وينبع من عاطفة الحب تجاه الجنس الآخر ، ويزود الإنسان بقوة تساعده على التفاعل الصحي والسليم والمثمر مع كل من حوله من أشخاص ، علاقات ، أعمال .
أما حماس التقدير ، فقد أشار د. الفقي إلى ما أكده "وليم حيمس" أبو علم النفس الحديث من أن الحاجة للتقدير هي إحدى أهم الحاجات الأساسية للإنسان ، فكل إنسان يحتاج إلى الشعور بأنه محبوب ومقدر من الآخرين ، ويقابل عمله بالشكر غير أنه حذر من "الحماس السلبي" ، الذي ينتظر صاحبه التقدير ، فقد يصاب صاحبه بالإحباط في حالة عدم وجوده (التقدير) ، مؤكدا أن الشخصية الواثقة لا يؤثر في معنوياتها عدم التقدير لمجهوداتها .
حماس الإنجاز : أثبتت الدراسات العلمية النفسية أن الحاجة للإنجاز ، حاجة ضرورية للإنسان ولسلامه النفسي ، فالإنجاز يشعر الإنسان بقيمته في الحياة ويدفعه إلى تطوير أداءه والإرتقاء بذاته .
وقال الفقي إن الأحاسيس هي وقود الإنسان ، وخاطب الحضور محفزا وبلهجة ملؤها الحماس : انجز مع الله ، انجز في صحتك ، انجز في علاقاتك ، مذكرا بقوله تعالى : " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ...... الآية" (التوبة : 105) سبحانه سيرى ما تقوم به من عمل .. فقدم نفسك .
واضاف الفقي أن عدم الإنجاز ، وتكرار ذلك يصيب صاحبه بالإكتئاب ، ما يكون عقابه الحقيقي .

أنت المسئول


أنت المسئول عن عملك وإنجازك فيه أو عدم إنجازك ، احذر الإكتئاب أو الحساب الإلهي ، ووجه المحاضرالحضور إلى ضرورة تعليم أبنائهم المسئولية ، الطفل يجب أن يتعلم منذ نعومه أظفاره ، المسئولية وأنه مسئول عن أفعاله ، في حالة إهماله أو تفريطه أو خطائه ، هو وحده الذي يتحمل مسئولية ذلك . (مثل إهمال التلميذ في المذاكرة ، فسوف يحيق الفشل به وحدها

الحياة المتزنة


حتى يحقق الإنسان الإتزان في حياته يجب أن يوازن بين جوانبها جميعا ، فهناك جوانب عديدة لحياة الإنسان :مهني ، روحاني ، أسري ، شخصي
, هذا التوازن يكسب الإنسان قوة وروعة داخلية ، يواجه بها التحديات ، فلو لم توجد تحديات في الحياة لأصيب الإنسان بالإكتئاب ، وذكر المحاضر بأقوال شخصيات تاريخية طموحة ، مثل قول هانيبال : " لو لم أجد طريقا للنجاح فسأصنع الطريق " ، وقول فورد : " لو تأخر علي النجاح ، سأمضي بدونه" .

الحماس المهني : وهو اتجاه الشخص بكل قواه نحو عمل معين أو مشروع معين يحبه الحماس المادي : وهو الرغبة الكبيرة في جمع المال واكتنازه ، والتحرك بقوة في كل الإتجاهات من أجله ، وحذر د.إبراهيم الفقي من أن المال يمكن أن يدمر صاحبه ، مشيرا إلى ما روي عن أحدهم قوله : "أنا أغنى من ملك فرنسا ، فالقليل يكفيني ولا يكفيه" ، في إشارة إلى القناعة وإلى أن الغنى غنى النفس .

الحماس الخيالي : وهو الصورة التي يرى بها الشخص ماضيه وحاضره ، حيث يتحول فيها الماضي غير السعيد إلى مهارة بتغيير الإدارك له .
وقال د. إبراهيم الفقي إن الماضي انتهى ومن غير المنطقي استمرار الألم منه ، اخرج من دائرة الخبرات المؤلمة ولا تستمر في التحرك داخلها ، هذا أمر غير منطقي لأنك قد أصبحت في مكان وزمان مختلفين عن ما مضى وانتهى ، انظر إلى يومك وعشه كأنه آخر يوم في حياتك .

ماذا لو فقدنا الحماس ؟

يؤدي فقدان الحماس إلى الإتجاه إلى التفكيرالسلبي ، الذي يؤدي بدوره إلى تداعيات خطيرة ، كل حالة ناتجة عن سابقتها ، وهي على التوالي : إحباط - ضياع - وحده - خوف - ضياع فرص - مماطلة - شكوى - تعب - وأخيرا دائرة الإكتئاب الخطيرة.
التفكير الإيجابي يعبر عنه : نشاط ، تخطيط مدروس ، فعل ، تحسن كل يوم.
أما التفكير السلبي ، فبالإضافة إلى ما سبق ، يتعرض صاحبه لتداعيات فسيولوجية خطيرة ، حيث يبدأ الجسم في إفراز أحماض بالغة الخطورة على الصحة (تم حقن فئران التجارب بهذه الأحماض فماتت على الفور) .

ولفت الدكتور إبراهيم الفقي إلى
أن اليابانيين يعيشون علىأربعة كلمات ، هي : صباح الخير ، كيف حالك ، التحسن المستمر ، المرونة التامة .
فالكلمة الأولى تعبر عن حب الآخرين ، الثانية : الحرص عليهم والتواصل معهم ، الثالثة : العمل الدائم والدائب
على تطوير الذات ، الرابعة : التحول من نشاط لم ينجح إلى آخر بمرونة وسلاسة . مضيفا أننا نحن المسلمين نضيف إلى هذه الكلمات أو المفاهيم مفهوم آخر هو " الروحانية" في إشارة إلى الإسلام .

الفقي في إحدى الأمسيات روابط السعادة والألم


الحماس قوة إلهية

كلمة الحماس باللغة اللاتينية تتكون من أكثر من مقطع ، وتعني "القوة الإلهية" .. ولكن احذر .. الحماس هو وقودك غير أن الوقود قد يحرق المركبة ، إذا لم يستخدم استخداما سليما ، فيجب أن يكون للحماس أهدافا سليمة ومرتبطة بقيمة عليا ، أي يجب أن يكون " حماس متزن " .. اسأل نفسك : ما هي الفكرة التي تحمسك ؟ ما هي رؤيتك عن نفسك ؟ ما هي رسالتك في الحياة ؟

جذور الحماس


القيم هي جذور الحماس الحقيقية ، انظر إلى شجرة البامبو التي تزرع في آسيا ، فهي شجرة عجيبة ،
تظل جذورها تحت الأرض لمدة خمس سنوات تحتاج لري ورعاية ، ثم تنمو بسرعة إلى أعلى .. عمق جذورك وقويها بالتفكير الإيجابي والرؤيا والأمل والعمل , ولفت د. الفقي إلى نتيجة دراسة علمية أظهرت أن حوالي 90% من أفكار الناس سلبية ، وأكد ضرورة قيامنا بعملية تصحيح واسعة لأفكارنا .. "اللخبطة الداخلية تنتج إنسان ملخبط ".

هل الحماس وحده كاف ؟


الحماس لا ينتهي ، يرتفع وينخفض حسب أولويات الحياة المتغيرة ، ولكنه غير كاف وحده ، يجب أن
تساندهالمهارة، فالمهارة هي أحد أهم مفاتيح النجاح . ومن مفاتيح النجاح الأخرى : رؤية واضحة ، رغبة في تحقيقها ، اعتقاد في الذات ، توقع ايجابي ، معرفة ، مهارة (المعرفة بنت المهارة) ، التخطيط الإستراتيجي .

اجعل حياتك : عمل مستمر ، عدل أهدافك ، قيم نفسك ، قيم قدراتك ، غير أهدافك ، وتذكر "التحسن المستمر" و"المرونة التامة" .
ابدأ .. إنجز ، وإذا جائت النتائج على غير ما تتوقع لا تسمي هذا فشلا ، ولا تستسلم للتفكير السلبي وغيره من مؤثرات الخارج المحبطة .. غير الفعل تغير النتائج ، واحذر من "منطقة الراحة" تلك الناتجة عن توفر ضمانات الحياة ، من استقرار المسكن والوظيفة والدخل ..... الخ ، عدم حدوث التغيير لفترة طويلة يجرنا إلى الروتين والملل ويقود إلى التفكير السلبي .. اسعى نحو إنجازات جديدة ، تقودك إلى التفكير الإيجابي باستمرار .

روابط السعادة والألم


تحكم هذه المتلازمة معظم تصرفات البشر ، حيث يتجه الإنسان إلى فعل
ما يتصور أنه يسعده حتى لو كان فيه الألم في حقيقته (مثل المدخن) ويبتعد عن ما يتصور أن فيه الألم حتى لوكان يحوي السعادة .. ارتباك التصرفات يأتي نتيجة ضياع الرؤية وغموض الهدف أو عدم وجوده .. من الضروري توفر : النية ، الإرداة (القوية) .. نظف نيتك كل يوم قبل نومك ، تلك التي لا يعلمها أحد سوى الله سبحانه تعالى وأنت .

في حالة انخفاض الحماس ، ارجع بسرعة للقيمة العليا ، اتصل بالله سبحانه وتعالى ، تزيد طاقتك الروحانية ويرتفع حماسك بصورة رائعة .
تعلم إستراتيجيتك الداخلية ، وغير إستراتيجية الفشل ، واعلم أن مساعدة من يحتاج إلى الحماس تزيد من حماسك.


الفقي في سطور


د.إبراهيم الفقي هو مؤسس ورئيس مجلس إدارة المركز الكندي للتنمية البشرية ، حاصل على درجةالدكتوراه فىعلم الميتافيزيقا من جامعة ميتافيزيق بلوس انجليس بالولايات المتحدة ، مؤلف علم ديناميكية التكيف العصبي ، وعلم قوة الطاقة البشرية.
مدرب معتمد فى البرمجة اللغوية العصبية من المؤسسة الأمريكية للبرمجة اللغوية العصبية ، ومدرس معتمد للعلاج بالتنويم المغناطيسى من المؤسسة الأمريكية للتنويم المغناطيسى ، ومدرس معتمد فى الذاكرة من المعهد الأمريكى للذاكرة بنيويورك ومدرب معتمد للتنمية البشرية للشركات والمؤسسات من حكومة كيبيك بكندا .
وله مؤلفات ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والعربية ، حققت مبيعات واسعة حول العالم ، كما درب أكثر من 700 ألف شخص فى محاضراته حول العالم ، وهو يحاضر ويدرب بالإنجليزية والفرنسية والعربية. وهو بطل مصر السابق فى تنس الطاولة لعدة سنوات ، يقيم حاليا فى مونتريال بكندا مع زوجته السيدة آمال وابنتيهما التوأم نانسى ونرمين.

* * * *